لماذا الأكثرية غير فعلية؟

بقلم : شارل أيوب
ما تطالب به الأكثرية كان محقاً في ظل النظام الديموقراطي الذي يحكمه الدستور اللبناني لولا أنها جاءت نتيجة لتحالفات على أساس ثوابت ومبادىء ثم انقلب على هذه المبادىء والثوابت قادة أساسيون في الأكثرية.
تعرف الأكثرية تماماً أنها نالت عشرة نواب في المتن الجنوبي نتيجة تحالفها مع حزب الله وحركة أمل على أساس تحالف سياسي للمرحلة المقبلة، كما أنها نالت عدد نوابها في الشمال نتيجة شحن مذهبي ودفع أموال طائلة، وإذا قررنا أن نتجاهل ما حصل في الشمال ونحصر نقاشنا في بعبدا والمتن الجنوبي، فإن الـ17 ألف صوت التي منحتها أمل وحزب الله للائحة الأكثرية إنما منحت هذه الأصوات على أساس ثوابت، ومنها الحفاظ على لبنان المقاوم، والموقف من القرار 1559، واعتبار أن اسرائيل هي العدو، وإن لبنان هو بلد عربي له مصلحة في العلاقات العربية وفق الجغرافيا السياسية في المنطقة.
نالت الأكثرية العشرة نواب، وعلى هذا الأساس أصبحت أكثرية في المجلس النيابي، وانقلبت الأكثرية على الأصوات التي منحها اياها الناخبون من مؤيدي حزب الله وحركة أمل، وبالتالي فإن التصويت الشعبي والوكالة التي أعطاهما الناخبون للنواب العشرة سقطت شرعياً لأن هذه الوكالة ليست مرتبطة بمدة زمنية لأربع سنوات، بل مرتبطة بالأمانة التي حملها هؤلاء النواب الذين يمثلون الشعب ويمثلون امانيه باسم الناخبين إلى المجلس النيابي.
لقد حصلت خيانة موصوفة للناخبين وحصلت خيانة موصوفة للأمانة التي حملها الناخبون لهؤلاء النواب، ولذلك لم تعد الأكثرية شرعية، ولم تعد فعلية، لأن ادعاءها التمسك بالنظام الديموقراطي هو ادعاء باطل، ولو أنها تحترم الديموقراطية لاحترمت أمانة الناخبين وأصوات الشعب التي أوصلتها الى الندوة البرلمانية.
ان البلاد في مأزق كبير، ولم يعد يفيد تجاهل الواقع الذي نعيشه ويعيشه لبنان في ظل هذه الأزمة الكبرى، فاذا استمرت الأكثرية في المكابرة وتجاهل الواقع الذي نتج عن خيانتها لأصوات الناخبين فإن البلاد تسير إلى كارثة كبرى سينتج عنها مزيد من الانقسامات، ويدفع الشعب اللبناني الثمن نتيجة المكابرة ورفض رؤية الأمور الموضوعية.
ان الاستفزاز عبر النزول الى المجلس النيابي والادعاء أن المسألة عددية وتجاهل الخيانة تجاه أصوات الناخبين سيجعل مؤسسة المجلس النيابي غير قادرة على إيجاد الحلول لواقع الأزمة في لبنان، وبالتالي لا بد من صحوة لدى قادة الأكثرية يرون فيها الأمور على حقيقتها ولا يخدعون الناس.
ان ولاية الرئيس لحود تكاد تنتهي، وإذا كنا نريد انتخاب رئيس جديد للجمهورية فالطريق إلى الانتخابات الرئاسية لا تكون على هذا المنحى، ولا تكون بمحاولة تحطيم صورة الرئيس بري، ولا عبر الإدعاءات بممارسة الديموقراطية.
الأكثرية آخر من يحق لها التحدث عن الديموقراطية وهي التي خانت الأمانة، وسرقت أصوات الناخبين واستعملت الفتنة المذهبية والشحن الطائفي في الشمال، ودفعت اكثر من 30 مليون دولار في محافظة الشمال لشراء الأصوات، إضافة الى استغلال دماء الشهيد الرئيس رفيق الحريري في الانتخابات.
اليوم الثلثاء ينزل نواب الأكثرية الى ساحة النجمة، والناس يعرفون من أين جاؤوا، والناس يعرفون أنهم ليسوا الأكثرية لولا الأصوات التي سرقوها في انتخابات المتن الجنوبي، والناس يعرفون أن لائحة العماد عون كادت تنتصر لولا ذهاب النائب جنبلاط إلى السيد حسن نصرالله ومناشدته التحالف معه في انتخابات المتن الجنوبي لتنجح لائحة الـ11 نائباً وتنال الأكثرية عشرة نواب ويحصل حزب الله على نائب واحد.
ثم ماذا عن هذه الأكثرية التي تتحدث عن الديموقراطية وهي حكمت طوال الوقت خارج الديموقراطية وكانت شريكة المخابرات السورية.
وماذا تعرف هذه الأكثرية عن الديموقراطية وهي كانت تؤلف لوائحها في عنجر وفي بيروت وفي جبل لبنان مع المخابرات السورية وعلى مدى 15 عاماً، وتستعين بالمخابرات السورية لتنجح لوائحها، وعندما دقت الساعة نقلت هذه الأكثرية البارودة من الكتف السوري إلى الكتف الأميركي - الفرنسي وبدأت تصيح بالديموقراطية، والناس يعرفون تماماً إلى أي حد استهترت هذه الأكثرية بأصول الديموقراطية؟
رب قائل أن هنالك جرائم حصلت، وهنالك انفجارات حصلت أيضاً، ونحن نقول لهم اننا نخضع لكل التحقيقات والمحاكمات، ولكن لا تستعملوا دماء الشهداء من أجل مصالحكم ومشاريعكم، فقد استعملتم دماء اللبنانيين في الماضي كأكثرية وذبحتم وقتلتم على الهوية، واليوم تستغلون دماء الشهداء من اللبنانيين كي تحافظوا على ثرواتكم وصناديقكم ومصالحكم.
جئتم اليوم كأكثرية تنادون بالديموقراطية وانتم عشتم ذبح الديموقراطية طوال 15 سنة، وجئتم تحاربون المقاومة وعون وغيره باسم الديموقراطية وكنتم دائماً متحالفين وأحياناً أزلام المخابرات السورية كما كنتم دائماً أزلام السفير الأميركي والسفير الفرنسي. لهذه الأسباب ولكل ما فعلتموه عطلتم الديموقراطية، وانتم لستم اكثرية فعلية، واذا كنتم تريدون انقاذ لبنان فما عليكم الا بحكومة وحدة وطنية، أو اذا شئتم الديموقراطية الحقيقية فاذهبوا الى انتخابات نيابية مبكرة وعندها نخضع لارادة الشعب، ولكن على أساس واضح ومبادىء واضحة بدل خيانة الأصوات الشعبية كما فعلتم وكما حصل إثر الانتخابات النيابية الأخيرة.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire