قمة من دون صوت
بقلم : شارل أيوب
قمة عربية من دون صوت، لا بل كان النبض منخفضاً جداً.
لا كلمة قوية للعرب، لا موقف قوياً للعرب، بل مبادرة عربية خجولة تقدمها الدول العربية لإسرائيل واسرائيل ترفضها منذ سنوات وسنوات.
شارون قال عن المبادرة العربية انها لا تستحق الحبر الذي كتبت فيه، وبالكاد صدر إعلان الرياض عن المبادرة العربية حتى جاء رفض أولمرت والحكومة الإسرائيلية لهذه المبادرة.
فماذا يفعل العرب غير تقديم مبادرة خجولة دون صوت عال، دون موقف قوي، دون قرارات فاعلة؟
أين الفاعلية طالما ان المبادرة العربية تقدم التطبيع مقابل انسحاب اسرائيل، والتطـبـيع حاصل مع جزء كبير من الدول العربية؟
كان الأجدر بالقمة العربية أن تعلن أن التطبيع الحاصل مع اسرائيل سيتوقف إن لم توافق إسرائيل على القمة العربية.
كان الأجدر بالقمة العربية أن تقول لواشنطن شبعنا وعوداً وزيارات لوزراء خارجية أميركا وخاصة رايس.
كان أجدر بالقمة العربية أن تقول للولايات المتحدة يكفي تجاهلاً للقرارات الدولية.
يكفي الاستمرار بالسياسة الأميركية التي تكيل بمكيالين حيث تطبق الولايات المتحدة القرارات على العرب وتستعمل حق الفيتو لنقض أي قرار ضد اسرائيل او إدانتها بسبب ممارساتها.
اربعون سنة مرت على القرار 242 من عام 1967 حتى عام 2007، والولايات المتحدة والدول الغربية كلها تتجاهل القرارات الدولية، في حين تدوس عليها اسرائيل وتقوم الصهيونية بتهويد القدس والضفة الغربية بجدار عازل، ويرتكب الجيش الاسرائيلي المجازر في مخيم جنين وغيره، وتحتل اسرائيل لاحقاً ارض الجنوب في لبنان، ويبقى القرار 425 اثنين وعشرين سنة دون تنفيذ والذي فرض تنفيذه هو المقاومة.
أربعون سنة على القرار 242 وحدود 1967 والعالم يتفرج علينا بجروحنا وآلامنا وشعبنا تحت الاحتلال، وانظمة عربية توقع اتفاقات منفردة وتقوم بالتطبيع مع اسرائيل رغم الاحتلال لغزة والضفة الغربية ولجنوب لبنان، وكل ذلك يجري بطلب أميركي، وضغط اميركي وبرعاية أميركية للاحتلال الاسرائيلي.
فعلى ماذا تسكت القمة؟
ولماذا يسكت قادة ورؤساء وملوك؟ وكيف تنتهي قمة الرياض بإعلان خجول؟
تعاملنا اسرائيل كما العبيد ونحن نقدم لهـا على طبق من فضة مبادرة عربية لا تريدها.
والولايات المتحدة تزود اسرائيل بكل انواع الاسلحة، والوقاحة والوحشية هي ان الولايات المتحدة لا تسكت فقط عن احتلال ارضنا وضرب عرض الحائط القرارات الدولية من قبل إسرائيل، بل تقوم الولايات المتحدة بتزويد اسرائيل بكل أنواع الأسلحة، ويكفي عدوان إسرائيل في تموز على لبنان لكي ندرك كم استعملت اسرائيل اسلحة أميركية الصنع ضد شعبنا وأرضنا بما فيها القنابل المشبعة باليورانيوم، وبما فيها القنابل العنقودية.
قمة من دون صوت، قمة من دون نبض، رؤساء وملوك يجتمعون والخطة واضحة، فالولايات المتحدة تريد ان تأخذ من العرب لصالح اسرائيل ما لم تستطع اسرائيل أخذه بالحرب، والقمة العربية وقرارات الجامعة العربية هي لتسهيل مهمة أميركا، وأما بعض الخطابات العنترية من بعض الزعماء العرب ضد إسرائيل فهي للديكور.
ماذا فعل اتفاق مكة؟
انه اتفاق أدى إلى التزام حماس باحترام اتفاقات السلطة الفلسطينية وخاصة اتفاق أوسلو.
وماذا حصل في لبنان؟ لقد اسرت المقاومة جنديين اسرائيليين فشنت إسرائيل ابشع وأكثر الحروب وحشية ضد شعبنا، واستطاعت المقاومة إلحاق الهزيمة بإسرائيل، في وقت كانت دول عربية تندد بالمقاومة وتتآمر عليها، وها نحن أمام اسر إيران لـ 15 جندياً بريطانياً فلم تشن بريطانيا وهي الدولة الأكبر والرابعة في العالم هجوماً على إيران كما فعلت اسرائيل، ورب قائل انه لم يقع قتلى في صفوف البريطانيين، والجواب أن البريطانيين لم يقاوموا وكان هناك احتمال سقوط قتلى، والدول تتعامل على هذا الاساس، ولكن وحشية اسرائيل لا تضاهيها أي وحشية اخرى ولا تشبه قراراتها قرارات اخرى.
القمة العربية انعقدت في ظل ميزان قوى جديدة، وما كانت القمة لتدين إسرائيل بعدوانها على الجنوب وتشيد بالمقاومة لولا موازين القوى الجديدة التي فرضتها انتصارات المقاومة في لبنان على اسرائيل، وما كانت القمة تدين اسرائيل لولا أنه في قلب اسرائيل تقوم لجنة بالتحقيق وتدين الحكومة الاسرائيلية سواء في تقصيرها في الحرب او في القرارات المتسرعة التي اتخذتها، حتى بيريز قال انه لو كان مكان أولمرت لما اتخذ قرار الحرب.
والسؤال هو لماذا يجب على العالم احترام العرب ويحسب لهم حساباً طالما أن صوتهم منخفض لا بل هم من دون صوت، وطالما أن قمة تجتمع من المحيط الى الخليج الى المشرق الثائر ولا تتخذ هذه القمة قراراً واحداً تنفيذياً ضد اسرائيل، ولا تحاول فرض فك الحصار عن شعبنا الفلسطيني؟
ولا تسعى إلى فك الأسر عن مواطن لبناني في السجون الاسرائيلية أو مواطنة فلسطينية في السجون الاسرائيلية؟
قمة تخضع لأميركا، فكيف تكون العروبة بخير طالما ان واشنطن هي التي تدير القمم العربية؟
ويبقى الرهان على شعوبنا العربية، ويبقى الرهان على المقاومة في كل مكان، في العراق، في فلسطين، في لبنان، واما اكثرية الانظمة فتبدو مترهلة، وبالكاد تحافظ على كراسيها، لا شعوبها العربية تريدها ولا احد يرجوها.
ويبقى ان الشرف العربي وان الذي يرفع رأسنا كعرب هم اولئك المقاومون في وجه العدو الاسرائيلي وفي وجه الاحتلال الأميركي للعراق.